عندما زارت “الخليج” قسم أمراض الأطفال الباطنة في الطابق الرابع بمستشفى دبي، أبدت العديد من الممرضات دهشتهن لسؤالنا عن غرفة “عيسى” وأخبرننا أنها المرة الأولى التي يرين فيها زائراً لهذا الطفل “الشاب”، الذي دخل المستشفى وعمره شهران، ولم يغادره حتى الآن وعمره 24 عاماً .
بتوجس وحزن لم تستطع إخفاءه، سألتنا ممرضة: هل ستصطحبونه معكم، لا نريد أن تحرمونا من ابتسامته اللطيفة التي ألفناها وأحببناها، والتي لا يملك طريقة سواها لشكرنا بها .
الدكتور الاستشاري حسن مندي من الإدارة الطبية بالمستشفى روى ل “الخليج” قصة “عيسى” التي تعود إلى تاريخ 24 / 4 / 1988 عندما أدخل الطفل إلى مستشفى دبي وعمره شهران، حيث كانت تشير بياناته الشخصية والصحية إلى أنه مجهول النسب، يعاني من شلل دماغي، وتأخر نمو عقلي وجسدي، وضمور بحجم المخ ومحيط الرأس . واضطر الأطباء منذ ذلك الوقت إلى تغذيته عبر الأنابيب عن طريق الأنف، لأنه كان يرفض شرب الحليب أو تناول أي غذاء نتيجة لتأخره العقلي .
ويتابع: عندما بدأت عملي بالمستشفى عام 1991 كان عمر الطفل ثلاث سنوات، وأشرفت على علاجه آنذاك من ضيق بالتنفس وحساسية بالصدر والجلد وأزمة ربو مازالت تلازمه حتى الآن، إضافة إلى تيبس كامل في أطرافه الأربعة، وعجز عن النطق، بسبب وضعه الصحي، واستمر الأطباء يجرون علاجاً طبيعياً لأطرافه حتى سن العاشرة، حيث أوصى اختصاصيو العظام بإيقاف هذا العلاج خشية كسر عظامه التي تعاني الهشاشة، فبقيت أطرافه الأربعة متيبسة منقبضة ومشدودة باتجاه جسده حتى الآن .
ومرت الأيام والسنوات، من دون أي تغيير على حياة “عيسى”، لا عائلة تزوره، ولا معيل يسأل عنه، وليس له في هذه الدنيا إلا رحمة ربه، والواجب الإنساني والأخلاقي الذي أخذته هيئة صحة دبي على عاتقها برعاية هذا الإنسان الذي عانت صحته خلال السنوات الماضية الكثير من الانتكاسات عبر التهابات وأمراض أصابته وسارع الفريق الطبي إلى إنقاذه منها في كل مرة دون كلل أو ملل .
وعند نقله سابقاً من قسم الأطفال إلى قسم الأمراض الباطنة أوصى الاختصاصيون بإعادته إلى قسم الأطفال بسبب تأخر نموه الجسدي والعقلي، الذي انعكس على حجم جسمه ومدى إدراكه، لأن الشاب الذي نشأ وترعرع في أسرّة مستشفى دبي مازال محتاجاً إلى رعاية أشبه برعاية الأطفال . وعن وضعه الحالي قال الدكتور حسن إن مناعة جسمه أمام الأمراض منخفضة جداً، ومن الممكن لأي التهاب قاس قليلاً أن يودي بحياته، لذلك نضعه في حجرة خاصة معزولة عن المرضى الآخرين خشية عليه من أي عدوى، تحت إشراف الأطباء والممرضات اللواتي يقضين له كل حوائجه بما فيها تنظيفه .
ولفت إلى أنه ورغم حالته الصحية، وعدم حركته أو نهوضه نهائياً عن السرير، إلا أنه لم يصب بأي تقرح سريري، الأمر الذي يعود إلى العناية والرعاية الاستثنائية التي يوليها الجميع له، وتحريكه من جهة إلى أخرى في السرير بانتظام . من جهتها قالت ليلى عبدالله الحداد رئيسة شعبة الخدمات الاجتماعية في مستشفى دبي ل “الخليج” منذ دخوله المستشفى لا سبيل أمامه للتعبير عن فرحه وأوجاعه إلا ابتسامة طفولية، أو صراخ أشبه بالهمهمات . وأنه تمت مخاطبة أحد مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر من مرة لتقديم الاستشارة وإبداء إمكانية نقله إليه، إلا أن المركز ورغم وعود إدارته بإرسال اختصاصيين لتقييم المريض لم يقم بأي خطوة على أرض الواقع .
الله يشفيه
الله يدوم علينا حكومتنا الرشيدة و الخيرة
في تبني من عجز اهله عن اعالتة
جزاهم الله عنا خير الجزاء
الحمدلله الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
{ ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة }