تحدثوا عن تحديات تعوق الزراعة
مزارعو الطماطم يشكون قلة الدعم وسيطرة المستورد
جانب من مزرعة عبيد الزعابي (من المصدر)
تاريخ النشر: الإثنين 31 ديسمبر 2024
كلباء (الاتحاد) – تنتج مزارع الإمارات كميات كبيرة من الطماطم التي لها جدوى اقتصادية هائلة في حال تم التركيز عليها، إلا أن هذا المنتج يواجه بعض الصعوبات، حيث يعمل المزارع على إنتاج الطماطم ضمن البيوت البلاستيكية، من أجل توفير الرطوبة والحرارة المناسبة.ويمكن لهذا النوع من الإنتاج أن يعطي لأمد طويل إن توفرت له كل الظروف المناخية والري والتغذية، ولأن هذا النبات يحتاج لدرجة حرارة مناسبة من 21 إلى 24 درجة مئوية، فإن كل مزارع يسخر الكثير من الوقت والجهد،لأجل النجاح بثمار مثالية وبكميات تجارية مناسبة لما أنفقه على عملية الزراعة.
حفرنا في الصخر
ويقول عبيد محمد الزعابي، الذي احترف مهنة الزراعة منذ الستينيات بمنطقة كلباء، حيث يزرع بجانب الطماطم، كلا من الباذنجان والكرنب والقرنبيط ومنتجات أخرى، إن الطماطم هي الأكثر طلبا، وذلك لأنها تدخل في معظم الوجبات الغذائية اليومية، إلا أن كل مزارع يشكو من بعض التحديات التي تواجه هذا النوع من الزراعة، موضحاً: تزرع الطماطم لدينا منذ عام 1967 وقد تم التركيز عليها منذ عام 2024، وتكلف زراعة الطماطم سنويا بالنسبة له ما بين 150 إلى 200 ألف درهم سنويا، ويمكنه حصد المحصول لمدة أربعة أشهر، ولكنه مثل غيره يخسر في السوق، حيث يباع الصندوق بمبلغ يتراوح بين 12 و15 درهما، فيما يباع المستورد بمبلغ أكبر ولو أتيحت لنا الفرصة من خلال تقديم الدعم، لأمكننا أن ننتج ما يكفي الدولة يوميا، ويمكن لنا أن نصنع منها منتجات محفوظة، ولكن هناك تجارا لديهم شركات استيراد من مصلحتهم أن لا ننتج.
ويضيف الزعابي: لن نكون مبالغين إن قلنا إننا حفرنا في الصخر من أجل أن نصنع مزارع منتجة، واليوم هناك مزارع تحولت إلى أرض جرداء، بعد أن هجرها أصحابها، لعدم توفر الحوافز التي كانوا يحصلون عليها، ومنها دعم المنتج المحلي مقابل المستورد، وقد أصبح المستورد في المركز الأول في سوق الجملة، والمحلي يبخس حتى يصل في كل الأحوال تحت العشرة دراهم لسلة تضم عشرين كيلو لبعض المنتجات، والبعض الآخر مابين درهم ونصف إلى ثلاثة أو خمسة دراهم.
مشاكل المنتج المحلي
ويؤكد عبيد الزعابي قائلا: لا نجد من يشجع المنتج المحلي أو يجد له سوقا، إلى جانب أن الآبار جفت ولم يتم وضع بدائل حتى الوقت الحالي، وقد كان المزارع يستطيع في السابق الحصول على مردود مالي كبير.
أما اليوم فإن المنتج سعره متدنٍ في ظل عدم توفر الدعم، وفي ظل ارتفاع أسعار الأدوات والمبيدات والسماد، ونريد أن نؤكد على أن المنتج الإماراتي لا يعطي أي نوع من المكملات الكيماوية، فقط السماد المركب والسماد الطبيعي، ونتائج زراعة الطماطم جيدة.
ولكن التكاليف كثيرا ما تنهك كاهل المزارع، فكل ما أزيل الغطاء عن شتلات الطماطم، لأنها كبرت وتحتاج لقياس أكبر فإن العملية تتكلف 20 الف درهم فقط للبلاستيك، إلى جانب كل ماله علاقة بتغذيتها وحمايتها وأجرة العمل في حال كانوا اثنين أو ثلاثة، وفاتورة الماء العذب الذي نشتريه عن طريق صهاريج.
ويضيف الزعابي، أن أي زراعة بحاجة لماء عذب وعلى سبيل المثال، فقد ماتت كل أشجار النخيل بسبب عدم توفر المياه، كما أني أتكلف الكثير في ذات الوقت للإبقاء على المنتجات الأخرى، ومن أجل ذلك أشتري كل يوم حمولة عشر مركبات بسعة 1500 جالون لكل تريب، وأدفع للعمال، وكذلك لتجديد كل مايستلزم لأجل الزراعة، إلى جانب شراء السموم والبذور وأستأجر المحراث بقيمة 80 درهما للساعة، ولذلك نحن نركز على إنتاج الطماطم، ولكن نحتاج جهة في الأسواق تنصف المنتج المحلي، خاصة أن بعض المسؤولين يعتقدون أن الأمر يخص رجل أو رجلين، ولكن القضية تخص كل مزارع ينتج في مختلف ألإمارات.
دعم المزارع المواطن
ومن جانبه، يقول عبيد الزري «مزارع»: اليوم نشتري عبوة المبيد بمبلغ 150 درهماً، وقد كان سعره في السابق سبعة دراهم، وكيس السماد المركـب عــبوة 50 كيلو أصـــبح بمائتين وخمسين درهما، ورغم ذلك نحن نزرع ونطالب ولن نمل، خاصة أن لنا منافسا من الهـند والأردن والسعودية وسلطنة عمان، ولذلك نريد من حكومة ألإمارات، أن تتكاتف لأجل دعم المزارع المواطن، على الأقل من ناحـية السـماد والمبيدات الحشرية، بحيث نشتريه بنصف السعر، وأيضا بالنسبة للبيوت البلاستيكية.
وقد عملنا في الزراعة منذ عهد الأجداد، وشهدت الزراعة في ألإمارات عزها ومجدها، عندما كانت هناك ميزانية لدعم المزارعين، ولذلك نريد من الحكومة أن تناقش إعادة الدعم لمزارعي الإمارات، أسوة بالأخوة في العين وبقية مناطق إمارة أبوظبي، ونحن إن وجدنا أن الدخل من إنتاج الطماطم سيوفر لنا ربحا جيدا، فإننا نعد بتطوير الزراعة وإكثارها حتى نغطي حاجة السوق، وسيكون للمنتوجات الأخرى أيضا الاهتمام الكبير.
وعن الحلول لهذه القضية، يوضح الزري قائلاً: وضعت فلاتر لتحلية المياه المالحة ويبلغ سعر الفلتر الواحد 200 ألف درهم، ويعطي مابين 50 و 60 جالونا من المياه العذبة، ولذلك لا يستطيع أي رجل أن يحصل على هذه المبالغ، خاصة أن الغالبية يعيشون من رواتب التقاعد، وهي الحمد لله أفضل من قبل 20 سنة، ولكنها قليلة في حال أخذنا في الحسبان أنها تكفي للحياة ومتطلبتها، وليس للإنفاق على الإنتاج الزراعي، الذي يكلف ما يقارب المائة ألف سنويا، وربما تصل التكلفة إلى مائتي ألف درهم، ولكن في حال تم حل متطلبات المزارع فإن الإنتاج قد يغطي قيمته بشكل كبير من حجم الإنفاق عليه، خاصة إن وجدت في كل سوق جهة خاصة بحماية المنتج المحلي.
لصالح التاجر المستورد
ويقول عبيد حميد المينون، إن المنتج المستورد هو المسيطر على السوق، وذلك لمصلحة التاجر المستورد، ولهذه الأسباب وصل سعر صندوق الطماطم إلى 55 درهما للمستورد في بعض الأحيان، وفي حال انخفض السعر يصل إلى 40 درهماً ويقال لأنه هناك رسوم كثيرة على التاجر المستورد، بينما لا يعطى للمزارع أكثر من خمسة عشر درهما للصندوق الذي يحمل نفس كمية المستورد، ولبعض أحجام الطماطم يحصل على مبلغ يتراوح مابين3 و4 دراهم للصندوق الواحد في بعض المواسم.
ويضيف المينون: أننا نحتاج إلى ستة آلاف جالون يوميا من الماء العذب، وهناك خط مياه تحلية يمر من الفجيرة إلى مزارع في العين، ولذلك نريد أن يكون هناك اتفاق بين حكومة الشارقة وحكومة الفجيرة لمد خط لري المزارع في كلباء، أو إقامة محطة تحلية فإنها سوف تنعش الزراعة وتساهم في المزيد من الإنتاج، لأن ما يحصل عليه المزارع من البيع في الغالب يذهب للنفقات، ولذلك لا يصمد الكثيرون خاصة في ظل شح المياه وتملح التربة.
مشكلة المياه
ولحل مشكلة المياه يقول المينون، إننا ننقل المنتج إلى سوق كلباء وسوق الفجيرة، فإن وصلنا به قبل الفجر منعنا من إنزال الحمولة، وإن عدنا به بعد صلاة الفجر وجدنا أن هناك من سبقنا وأغرق السوق، فلا نستطيع أن نبيع المنتج، ولذلك نرى أن السوق يمشي على حكمة «من سبق أكل النبق»، حيث لا توجد جهة تنظم للسوق، وخاصة لصالح المنتج المحلي، حتى السعر لم نجد حتى اليوم من ينصفنا في وضع تسعيرة مناسبة تتوافق مع ما أنفقناه حتى وصولنا إلى السوق.
دعم وتسويق
يتساءل عبيد حميد المينون، «مزارع» قائلاً: لماذا لا تعمل حكوماتنا المحلية على تحويل المنتج المحلي لمصنع بحيث يتم تحويل الطماطم إلى معجون منتجات أخرى؟، لأننا لا نعلم حتى اليوم كيف يمكن لنا أن نوصل صوتنا إلى أي جهة، تتبنى مسألة الإنتاج الزراعي، وتوفر الدعم اللازم كي نقدر على العمل بدون خسائر كبيرة، حيث يمكن إقامة هيئة للتسويق الزراعي، تعمل على شراء منتجاتنا الزراعية، وتسويقها أو تحويلها إلى المصانع أو تصديرها للخارج، كما نحتاج إلى دعم كل منتج مثل الخيار والباذنجان والكرنب أو الملفوف، ونحتاج لمعدات ومواد بنصف سعرها.
الله يكون في عونهم ..