زايد يروي عطش العين بتطوير الأفلاج وحفر الآبار

البريطانيون أشادوا بجهود زايد لتطوير شبكة أفلاج العين
27 نوفمبر 2024
من ذلك التاريخ البعيد، ومن أصل الروح، ومن ذاكرة الزمن تقدم لكم صفحات جريدة «الاتحاد» -بالتعاون مع المركز الوطني للوثائق والبحوث التابع لوزارة شؤون الرئاسة-، قصصا وأحداثاً من أرشيف قصر الحصن، والأرشيف البريطاني والأميركي، التي أفرج عنها تباعاً، كنز يستحق الوقوف عنده، والتأمل في تفاصيله التي كونت هذا الجسد الذي أصبح يُعتد به بين أمم تراه منارة يسعون إليها، ولأبنائه مفخرة يزهون بها.
دبلوماسي بريطاني: الحاكم يتبنى سياسة تنموية «مذهلة» لتحسين مستوى معيشة شعبه
زايد يروي عطش العين بتطوير الأفلاج وحفر الآبار
تمكن الضابط السياسي البريطاني مارتن بوكماستر على مدى أسبوع خلال عام 1958 من رصد إنجازات عديدة حققها حاكم العين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في المنطقة.
وقال في تقريره إن السوق الجديد الذي شيده زايد على نفقته الخاصة، جذب حركة التجارة من سوق القطاع التابع لمسقط في منطقة البريمي. وألمح إلى أن سوق تلك المنطقة شهد المزيد من التراجع بسبب التوسعات التي أقامها زايد في سوق القطارة.

وكشف بوكماستر أن القرويين من القطارة والجيلي والهيلي كانوا قد اعتادوا الاعتماد على سوق المنطقة التابعة لمسقط بدرجة كبيرة، والآن (في سبتمبر 1958) صار بإمكانهم أن يشتروا كل شيء تقريباً يحتاجونه من سوق القطارة.
وتشير برقية بوكماستر للندن، إلى أن ثمة مشروع آخر زاد من شعبية زايد بصورة غير عادية وجعله موضع احترام وتقدير أكثر من جانب المواطنين، وقد ساهم هذا المشروع في زيادة تدفق المياه في أفلاج العين بنسبة الثلث.

يقول المسؤول البريطاني “كان الأمر يستغرق 60 يوماً لتكمل دورة المياه تدفقها في الفلج لري مزارع العين، فأصبحت هذه الدورة لا تستغرق الآن أكثر من 35 يوماً، مما يفيد كثيراً النخيل والمانجروف والأشجار الأخرى في المزارع”.
وتابع “بالإضافة إلى ذلك قام الشيخ زايد مؤخراً بأعمال تطهير وإصلاح في فلج المويجعي الذي كان في أشد الحاجة إلى ذلك”.
ويضيف أنه للمرة الأولى منذ ست أعوام، يمضي الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان جزءاً من الصيف في البريمي. ويبدو “أنه استمتع كثيراً بالفترة التي أمضاها هناك” على حد قوله.
ويبدو أن الدبلوماسي البريطاني قد التقى الشيخ شخبوط، حيث قال إنه وجده في حالة معنوية ممتازة وأكثر هدوءاً واسترخاء.
ثم تحدث عن عرس أقامه الشيخ شخبوط لصغرى بناته الشيخة روضة، وقد استمرت الاحتفالات أسبوعاً قبل الزفاف. ويشير التقرير أيضاً إلى أن شعبية شيوخ أبوظبي تشهد ارتفاعاً كبيراً بين المواطنين، مؤكداً أن زايد بصفة خاصة قفزت شعبيته بصورة غير عادية في ضوء ما حققه من إنجازات.
وقال إنه لاحظ استمرار نمو وتوسع التجارة بفضل الانتعاش الذي أحدثه السوق الجديد، كما زادت فرص العمل وتشغيل الشباب الذي يعمل عدد كبير منهم في قوات كشافة عمان المتصالحة.
وأضاف أنه تم افتتاح مدرسة ابتدائية في القطارة، يرتادها نحو 40 طالباً، مشيراً إلى أنه من المدهش أن يشرف على المدرسة أحد خريجي مدارس دبي مجاناً، فقط من أجل صالح أبناء المنطقة.
وبعد نحو ثلاثة أعوام من التقرير الذي كتبه بوكماستر عن الأوضاع في البريمي، أوفدت الخارجية البريطانية في 1960 الوكيل السياسي في أبوظبي ادوارد هندرسون لزيارة المنطقة مرة أخرى. وكتب بعد جولته هناك تقريرا بشأن الجهود التي بذلها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، لتطوير نظام الري هناك.
يقول هندرسون في تقريره، إنه تابع خلال زيارة قام بها مؤخرا للبريمي بعض الأعمال التي يقوم بها زايد لتطوير الأفلاج في العين، مشيراً إلى أنه حفر العديد من الآبار، وضمها إلى شبكة الأفلاج القائمة.
وأضاف أن “الحكومة البريطانية كانت قد أنفقت نحو خمسة الآف جنيه استرليني على تنظيف الأفلاج” لكن زايد “قام بحفر وتطهير المزيد منها. وقد أنفق على هذه الأعمال مبالغ طائلة منذ 1955”.
وأشاد هندرسون بما تحقق وقال إن نتائج جهود زايد في هذا الشأن “مذهلة”.

وقال إنه على سبيل المثال، كانت شبكة المياه الموجودة تكفي بالكاد لري إحدى المناطق مرة كل خمسة أسابيع، كما أن أكثر من ثلث تلك المنطقة، لم يكن من الممكن ريها أبدا في 1955، مما كان يؤدي إلى موت الأشجار.
ويتابع “لكن الآن فإن المنطقة كلها يمكن ريها كلها مرة كل ثلاثة أسابيع.”
ومضى يقول “إن المناطق الأخرى المزروعة في قرى أبوظبي والواحات، تتلقى كميات من مياه الري تعادل ضعف أو ثلاثة أمثال كميات المياه التي كانت تروى بها في السابق.”
وأضاف “قرية العين وحدها- التي تعد الأكبر في المنطقة- ربما صارت تتلقى إمدادات مياه تفوق بمرات عدة ما كانت تحصل عليه من قبل، بعدما تم تشييد شبكة قنوات تحت الأرض”.

ويتابع “في الفترة السابقة كان المزارعون يدفعون أموالاً يمكن اعتبارها نوعاً من الضرائب، مقابل عدد ساعات ري حقولهم ومزارعهم.. وما زال المزارعون في الجزء الخاص بمسقط من البريمي يدفعون تلك الضرائب، من غير أن يتلقوا أي مقابل. ثم أن أي تطهير أو إصلاح يتم أجراؤه يدفع ثمنه المزارعون، أو أنهم يقومون بأنفسهم بتلك الإصلاحات. بدون أي مساعدة. ولا توجد بالطبع أي إنشاءات جديدة”. لكن ذلك تغير مع تولي زايد مقاليد الأمور، على حد قوله.
وقال الدبلوماسي البريطاني إن توجهات زايد التنموية التي يمولها من أجل تلبية مصالح المواطنين ، تعد “جزءاً من سياسة عامة يتبناها زايد لتحسين مستوى معيشة شعبه بدون تحميلهم أي أعباء.”
وفي عبارة دالة وموحية تشير منذ البدايات المبكرة إلى عبقرية زايد يقول الدبلوماسي البريطاني “إنه لمن اللافت للنظر في بلد المياه فيه غالية، أن يتم إعطاؤها إلى المزارعين مجاناً.” أكثر من ذلك يقول المقيم السياسي إن زايد يسمح للتجار باستخدام متاجر السوق الجديد الذي شيده في العين مجاناً على أحدث مستوى. ثم يضيف “على العكس من الحال في المناطق المجاورة، فإن زايد لم يفرض أي ضرائب من أي نوع على السكان في الواحة.”

ماننحرم من مواضيعك المميزة
( إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا سلطان لمحزونون )
يعافيك ربي على روعة الطررح
ماننحرم من مواضيعك المميزة |

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
وكل التوفيق لك يا رب