خبراء: تطوير البنية التحتية في الساحل الشرقي يسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية
محطة تحلية للمياه في قدفع
تاريخ النشر: السبت 02 يونيو 2024
عبدالرحمن إسماعيل
توقع خبراء اقتصاديون، أن تؤدي مبادرات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بإقامة مشروعين لتطوير البنية الأساسية في الساحل الشرقي وأم القيوين إلى إقامة أنشطة اقتصادية جديدة في المنطقة تقوم على وفرة الكهرباء والماء.
وأكد هؤلاء أن قطاع الكهرباء والماء في هذه المناطق سيشهد تطوراً كبيراً، يؤدي إلى اجتذاب استثمارات محلية وأجنبية، بعدما تصبح المناطق الواقعة على الساحل الشرقي بيئة استثمارية ملائمة تتوفر فيها كافة مقومات الاستثمار الناجح.
وأقرت لجنة متابعة تنفيذ مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة مشروعين لتطوير البنية الأساسية للماء والكهرباء بكلفة 755 مليون درهم الأول بكلفة 591 مليون درهم، لتطوير شبكة المياه في الساحل الشرقي بطول 155 كيلو مترا من كلباء إلى مدينة دبا مرورا بالفجيرة وخورفكان.
ويتضمن المشروع الثاني إنشاء خط أنابيب لنقل 20 مليون جالون من المياه يوميا، من الشبكة الرئيسية لهيئة مياه وكهرباء أبوظبي بطول 61 كيلومترا، وتستهدف إنهاء معاناة سكان مدينة أم القيوين والمناطق المحيطة بها، بسبب نقص المياه.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد العسومي إن إنفاق المزيد من الاستثمارات الحكومية على قطاع الماء والكهرباء في المناطق الواقعة في الإمارات ومن بينها تلك المناطق التي ستستفيد من مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة بتطوير شبكة المياه في الساحل الشرقي وأم القيوين، من شأنه أن يجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية على السواء إلى هذه المناطق.
وأضاف أن تحسين جودة البنية التحتية في هذه المناطق من شبكة مياه وكهرباء وطرق، سيؤدي إلى إقامة المزيد من المشاريع الاقتصادية والتجارية، وبالتالي زيادة معدلات نمو الاقتصاد المحلي واقتصاد دولة الإمارات ككل، علاوة على أن وظائف جديدة للمواطنين سيتم توفرها من المشاريع الجديدة التي ستظهر مع تحسين البنية التحتية والانتعاش الاقتصادي المتوقع.
وأكد العسومي أن قطاع الكهرباء والماء من أهم القطاعات الحيوية في المناطق الشمالية، وتأتي مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، والتي تدعم هذا القطاع، برفده بالمزيد من المشاريع لتحسن كثيرا من البنية التحتية، علاوة على أنها تأتي في سياق اهتمام دولة الإمارات، بتطوير بدائل لتوفير الطاقة، منها بناء محطات لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، وكذلك من الرياح والطاقة الشمسية في كل من أبوظبي ودبي إلى جانب رفع الطاقة الإنتاجية لشبكات المياه.
ويتوقع أن يتضاعف المعدل السنوي لاستهلاك الإمارات من الكهرباء بحلول العام 2024، بحسب تقارير وإحصاءات رسمية، ويقدر إجمالي استهلاك الهيئة الاتحادية للكهرباء والماء سنويا بنحو ألفي ميجاواط، ويبلغ حجم استهلاك المياه في الدولة إلى 4,5 مليار متر مكعب
وبين العسومي أن الإمارات لديها تجربة تنموية مهمة، تمثلت في إنشاء بنية تحتية قوية ومتطورة، ساهمت في اجتذاب استثمارات محلية ودولية كبيرة، ساهمت في رفع معدلات التنمية، مضيفا أن مبادرات رئيس الدولة بشأن تحديث البنية التحتية في الساحل الشرقي في قطاع حيوي مهم مثل الماء والكهرباء، من شأنه أن يحسن كثيرا من معيشة المواطنين، وفي ذات الوقت يسهم في إقامة مشاريع جديدة كان يعوقها نقص الكهرباء والمياه في بعض المناطق.
وقال تقرير أصدرته مؤخرا مؤسسة بيزنيس مونتور إن الاستثمارات الضخمة التي ترصدها حكومة دولة الإمارات في مشاريع البنية التحتية تشكل الداعم المحوري للنمو الاقتصادي، وتوقع أن يتزايد الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية في قطاعات النقل والمرافق والخدمات خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في إنعاش الطلب.
وأوضح العسومي أن مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة، سوف تساهم في سد النقص الذي يواجه قطاع الماء والكهرباء في عدد من الإمارات بشكل عام، وتلبي الاحتياجات التنموية للمناطق الواقعة فيها، الأمر الذي يرفع من مستويات معيشة المواطنين، من خلال تحسين دخولهم، علاوة على تحسين جودة الحياة في الحصول على مياه نظيفة، ووفرة مصادر دائمة للطاقة، مع زيادة الطاقة الاستيعابية لشبكة الكهرباء.
انتعاش التجارة والصناعة
وأكد نجيب الشامسي المستشار الاقتصادي ومدير إدارة البحوث والدراسات بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي أن حركة التجارة والصناعة ستنتعش في المناطق التي ستمتد لها حديثا شبكة الكهرباء والماء، خصوصا أن المنطقة الشرقية تحتاج إلى تنمية حقيقية، وبها مناطق استثمارية واعدة وإمكانيات صناعية وفرص كبيرة في القطاع الصناعي بالتحديد.
وأضاف أن أسعار الكهرباء في الإمارات تعتبر الأعلى مقارنة بمثيلاتها في أبوظبي ودبي والشارقة، ولا شك أن المشاريع التي تتضمنها مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة لتحديث البنية التحتية في قطاع الكهرباء والماء ستخفف كثيرا من الأعباء الملقاة على عاتق المواطنين، وكذلك من تكاليف المشاريع التجارية.
وأفاد الشامسي بأن متطلبات التنمية الصناعية في الإمارات تحتاج إلى توفير خدمات الماء والكهرباء، وتأتي مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة في هذا المجال لتؤكد على النظرة الثاقبة لضرورات التنمية في مختلف إمارات الدولة والتي تمتد لتشمل كافة المناطق.
وأضاف أن هذه المشاريع تخلق فرصا استثمارية واعدة، وتستقطب رؤوس أموال وطنية وأجنبية لإقامة مشاريع، خصوصا وأن هناك مناطق في إمارات رأس الخيمة والفجيرة وعجان تتمتع بميزة نسبية.
وبين أن رأس الخيمة والفجيرة تمتلكان صناعات واعدة في قطاع الإسمنت والسيراميك، إضافة إلى المقومات السياحية في الفجيرة، والتي تشهد إقامة فنادق جديدة، بحاجة إلى مصادر للطاقة من كهرباء ومياه
أنشطة تجارية وسياحية جديدة
واتفق الخبير الاقتصادي الدكتور همام الشماع مع العسومي في المردود الاقتصادي المتوقع من مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة بدعم قطاع الكهرباء والماء والذي يتمثل، وقال في المصلحة الاجتماعية الاقتصادية التي ستنجم عن تحديث البنية التحتية وما يترتب عليها من أنشطة اقتصادية مكملة، تؤدي إلى الانتعاش الاقتصادي.
وأضاف أن توفر مصدر دائم للكهرباء وشبكة متطورة لإمدادات المياه في مناطق الساحل الشرقي وأم القيوين يعني أن أنشطة اقتصادية جديدة ستتولد على هذه المشاريع، يمكن ان تكون أنشطة تجارية وسياحية، خصوصا وان هذه المناطق تمتلك من مقومات الجذب السياحي الكثير، ولا شك أن تحسين البنية التحتية فيها من شأنه أن يشجع المستثمرين المحليين والأجانب، على اقامة مشاريع هناك.
وأكد الشماع أن الإنفاق الحكومي في إمارات الدولة خصوصا في قطاع حيوي مثل الكهرباء والماء ،يشهد زيادة ملموسة، ويتوقع أن يسهم في إحداث انتعاش اقتصادي، حيث ان هناك مناطق عدة تشهد رواجا اقتصاديا وتوسعيا كبيرا
وأضاف: يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في إمارة رأس الخيمة التي تشهد توسعا عمرانيا وسياحيا، رغم محددات الطاقة الكهربائية، ولهذا السبب فإن أي إنفاق حكومي في هذا القطاع، سيلحظ تأثيره الإيجابي، سواء على صعيد تحسين نوعية المعيشة بالنسبة للمواطنين وسكان هذه المناطق، أو من حيث استقطاب مشاريع وأنشطة اقتصادية جديدة.
وأضاف “على الرغم من عدم توفر بيانات دقيقة عن إجمالي الإنفاق الحكومي، إلا أن المبادرات التي أطلقها صاحب السمو رئيس الدولة، والتي شملت العديد من المجالات الحياتية للمواطنين تتضمن حجم إنفاق كبير، وفي مقدمتها سداد ديون المواطنين المتعثرين، وهذه المبادرة إلى جانب أنها تخفف من الأعباء الملقاة على المواطنين، فإنها تخفف من آثار الأزمة المالية التي تضررت منها البنوك والمصارف الوطنية.
وأوضح الشماع أن الإنفاق الحكومي على البنية التحتية خصوصا في المناطق المحتاجة ضرورة مهمة، ويتعاظم أهمية هذا الدعم في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي تمر بها الاقتصاديات العالمية، في أنه يلبي حاجة المواطنين الضرورية من مصادر أساسية مثل الماء والكهرباء إلى جانب أنه يخلق بيئة جاذبة للاستثمار في مناطق تمتلك بالفعل مقومات كبيرة.
وقال إن تحديث جودة الخدمات في المناطق التي ستستفيد من المشاريع الجديدة، سينعكس على حياة السكان وبالتالي على نمط النشاط الاقتصادي فيها، خصوصا ان هذه المناطق كانت تعاني كثيرا من نقص الخدمات، ويتوقع ان تكون أوضاعها أفضل بكثير مع التطور الذي ستشهده.
تحريك القطاع الخاص
من جانبه، أكد الدكتور التيجاني عبدالله المستشار الاقتصادي لمجلس أبوظبي للتطوير الاقتصادي، إن دعم الاستثمار في الإمارات من خلال الإنفاق الحكومي في قطاع الكهرباء والماء سيؤدي إلى تحريك القطاع الخاص بكل مكوناته الإنتاجية والخدمية.
وأضاف أن مشاريع البنية التحتية التي تضمنتها مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة، تنضوي على عوائد ضخمة للاقتصاد المحلي والقومي في شكل فوائد مباشرة وغير مباشرة على السواء، أهمها رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين في المناطق المشمولة بالإنفاق، واقامة صناعات جديدة، بعدما تتوفر لها مصادر الطاقة من كهرباء وماء، ورفع مستوى التعليم، وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للأفراد، اضافة انها ستساهم في اقامة المزيد من المستشفيات والمدارس والجامعات، علاوة على توفر الأمان والتواصل مع القرى والمدن المجاورة عبر شبكة طرق جيدة.
وأوضح التيجاني أن تحديث وتطوير البنية التحتية في مناطق عدة في الإمارات يخلق مشاريع وأنشطة تجارية عدة خصوصا للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تولد وتنتعش مع البنية التحتية الجيدة، وتجد فرصا للعمل بمختلف تخصصاتها الإنسانية والتقنية.
وأفاد بأن الإنفاق الحكومي في قطاع الماء والكهرباء يعد إنفاقا واستثمارا في ذات الوقت، حيث يساهم القطاع بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث تعد الطاقة الأساس الذي تقام عليه المشاريع خصوصا المشاريع الصناعية التي تكثر حاجتها للكهرباء أكثر من غيرها.
وأضاف أن الخطة الخمسية القادمة تتضمن استثمارات كبيرة للإنفاق على قطاع الطاقة، لتلبية الاحتياجات المتزايدة من استهلاك الكهرباء، في ظل ازدياد عدد المصانع والمشاريع الصناعية، موضحا أن العائد من الإنفاق على البنية التحتية والاستثمارات في القطاع، عادة ما يكون سريعا وكبيرا.
وبين أن هناك حاجة في المناطق التي ستستفيد من تطوير شبكات المياه في الساحل الشرقي وإمارة أم القيوين، إلى وجود مشاريع اقتصادية خصوصا المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولا شك أن تحسين البنية التحتية فيها، وخلق مصادر أساسية للنشاط الاقتصادي، من شأنه أن يقيم صناعات ومشاريع صغيرة في هذه المنطقة، ستنعكس على معيشة المواطنين.
وتوقع التيجاني إقبالا من أصحاب المشاريع والشركات للعمل في هذه المناطق خلال الفترة المقبلة، بعدما أصبحت مناطق جذب استثماري جيدة، مع تزايد الاهتمام الحكومي بها، وحرص كبير على أن تتمتع ببيئة استثمارية تستقطب الاستثمارات المختلفة.
شركات مياه إقليمية: مردود إيجابي على قطاع مياه الشرب
أبدت شركات إقليمية عاملة في مجال تحلية المياه في الإمارات ترحيبها بمشاريع الكهرباء والمياه التي تضمنتها مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة، وتوقعت مردودا ايجابيا لها على الحياة المعيشية للسكان
وقال باسم حلبي مدير تطوير الأعمال في مجموعة ماتيتو العاملة في مجال تحلية المياه إن إقامة مشروعين لتطوير البنية الأساسية للماء والكهرباء في الساحل الشرقي وإمارة أم القيوين، ضمن مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة قرار صائب ومرحب به في أوساط الشركات الخاصة.
وأضاف أن هناك بعض المناطق السكنية في إمارة أم القيوين والساحل الشرقي لا تزال تعاني من المياه المالحة في استخدامات حياة سكانها اليومية، موضحا أن المشروعين الجديدين يحسنان من الظروف المعيشية للمواطنين في هذه المناطق نحو الأفضل.
وأفاد بأن هذه المبادرة من شأنها أن تعزز نمو مشاريع مشابهة في بقية أرجاء الدولة، مشيرا إلى أن شركته تتطلع لمزيد من المشاريع في المنطقة، حيث شيدت الشركة في إمارة أم القيوين محطة تحلية في عام 2024 بسعة تصل إلى 11,500 متر مكعب في اليوم ومحطة تحلية أخرى في إمارة عجمان بسعة تصل إلى 14 ألف متر مكعب باليوم من مياه الشرب عام1994، إضافة إلى تزويد منطقة الساحل الشرقي بمحطات عديدة شملت صناعات متنوعة.