تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » جهاز ابوظبي للاستثمار الاكبر في العالم

جهاز ابوظبي للاستثمار الاكبر في العالم 2024.

الصندوق السيادي صندوق استثماري مملوك للدولة لإدارة استثماراتها الناتجة عن فائض ميزان مدفوعاتها، أو احتياطي عملاتها الأجنبية، أو عائدات تخصيص قطاعاتها العامة، أو فائض ميزانيتها العامة، أو عائد صادراتها، أو أي مصدر مالي ترى الدولة توجيهه نحو الصندوق لحفظه وتنميته.

تتباين مسببات إقبال الدول على إنشاء صناديقها السيادية من توفير رافد بديل لمعالجة العجز في الميزانية العامة، أو تنويع مصادر الدخل، أو توفير موارد للأجيال القادمة، أو دعم استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو بعض منها، أو جميعها معاً. وتتباين تباعاً المستهدفات بتباين المسببات بين مستهدفات متوسطة الأجل وطويلة الأجل ومؤقتة ومستديمة. تتباين كذلك هيئة هذه الصناديق السيادية بين هيئات عامة كجهاز قطر للاستثمار، أو كشركات خاصة مملوكة للدولة كشركة ممتلكات البحرينية، أو كمحفظة استثمارية كمحفظة الفوائض المالية والاحتياطيات النقدية السعودية.

يعود تاريخ الصناديق السيادية إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما أنشأت ولاية تكساس الأمريكية صندوق التعليم الدائم برأسمال مليوني دولار، عبارة عن 20 في المائة من عائد الولاية من امتياز استنفاع الحكومة الفيدرالية الأمريكية من جزء من أراضي الولاية. شهد القرن العشرين نموا في توجه الدول نحو تأسيس صناديقها السيادية. من أول هذه التطورات تأسيس هيئة الاستثمار الكويتية في 1953، فصندوق الاستثمارات العامة السعودي في 1971، فجهاز أبو ظبي للاستثمار في 1976. شهدت وتيرة تأسيس الصناديق السيادية بعد ذلك نمواً ملحوظاً في الأعوام الأخيرة في إشارة إلى استيعاب متأخر للدول للدور الذي تؤديه هذه الصناديق في دعم التنمية المستدامة.

وعلى الرغم من توجه الدول نحو تأسيس صناديق سيادية لإدارة استثماراتها وتنميتها، إلا أنها لا تخلو من تحفظات المراقبين. من أهم هذه التحفظات مستوى الإفصاح والشفافية المقرونين بإدارة أصول الصناديق، ومدى الاستفادة من عائداته لدعم تنمية اليوم على حساب تنمية الغد، ودرجة أمان أصول الصندوق وسلامته من تقلبات الاقتصاد العالمي، وحقوق ملكية صناعة قراراته الاستثمارية. مجموعة من التحفظات لا تحجب العائد التنموي من الصناديق السيادية لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

من الهيئات المهتمة برصد تطورات الصناديق السيادية المعهد الأمريكي للصناديق السيادية من خلال توفير معلومات إحصائية ودراسات تحليلية وتقارير تقويمية للصناديق السيادية. ومن خدمات المعهد كذلك تقديم تصنيف ربع سنوي للصناديق السيادية الكبرى على مستوى العالم. يعتمد التصنيف على مجموعة من العناصر من أهمها حجم أصول الصندوق، ومصدر موارده المالية، ومستوى شفافية إدارة استثماراته. من المواقع المهتمة كذلك بتطورات الصناديق الاستثمارية موقع الصناديق السيادية الإخباري من خلال رصد آخر المستجدات للصناديق السيادية وتقديم مجموعة من الدراسات في هذا الجانب. ومن خدمات الموقع كذلك رصد التوزيع البيني والجغرافي لأصول كل صندوق سيادي.

عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى قائمة المعهد الأمريكي للصناديق السيادية للتعرف على أكبر عشرة صناديق سيادية في العالم من ناحية حجم الأصول. وعديدة هي الفوائد كذلك عندما ندمج معلومات القائمة مع معلومات التوزيع البيني لأصول هذه الصناديق حسب موقع الصناديق السيادية الإخباري. فوائد قد تساعد على استشراف مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المالكة للصناديق السيادية.

تشير القائمة في تصنيفها الأخير إلى تربع جهاز أبو ظبي للاستثمار على قائمة أكبر الصناديق السيادية في العالم بأصول تقارب 627 مليار دولار. تأسس الجهاز في 1976 لإدارة فائض الصادرات النفطية من خلال توظيفه في الأسواق المالية والعقارات ومحال التجزئة المختلفة. ثم أتى ثانياً صندوق التعاقد الحكومي العالمي النرويجي، المسمى صندوق النفط النرويجي سابقا، بأصول تقارب 611 مليار دولار. تأسس الصندوق في 1990 ليحتضن نسبة ثابتة سنوية من عائدات الصادرات النفطية لتوظيفها خارج الاقتصاد النرويجي في الأسواق المالية والعقارات الدولية. ثم أتى ثالثاً شركة سايف الصينية للاستثمار بأصول تقارب 568 مليار دولار. تأسست الشركة في 1997 لإدارة احتياطي النقد الأجنبي الصيني من خلال توظيف جزء كبير منها في شراء أسهم الشركات النفطية.

ثم أتت محفظة ممتلكات مؤسسة النقد العربي السعودي رابعاً بأصول تقارب 533 مليار دولار. تأسست المحفظة لإدارة فائض الصادرات النفطية من خلال توظيفه في مجموعة من العملات الأجنبية وأدوات الدين المختلفة. شركة الاستثمار الصينية أتت خامساً بأصول تقارب 440 مليار دولار. تأسست الشركة في 2024 لتحقيق عوائد مجزية مقارنة بتلك المحققة عبر شركة سايف الصينية للاستثمار من خلال الدخول في استثمارات أكثر مخاطرة من شركة سايف الصينية للاستثمار. من أهم القنوات التي استهدفتها الشركة تملك أسهم كبرى الشركات المالية العالمية.

أتت الهيئة الاستثمار الكويتية سادساً بأصول تقارب 296 مليار دولار. تأسست الهيئة في 1953 لتوفير مورد للأجيال من فائض الصادرات النفطية من خلال توظيفه في الأسواق المالية وملكية شركات تجارية دولية مختلفة. أتت محفظة هيئة الاستثمار في هونج كونج سابعاً بأصول تقارب 293 مليار دولار. تأسست المحفظة في 1993 لدعم استقرار العملة الوطنية من خلال توظيف أصول هونج كونج المالية في مجموعة مختلفة من الأوراق المالية.

أتت في المرتبتين الثامنة والتاسعة شركة الاستثمارات الحكومية السنغافورية وشركة تيماسك القابضة السنغافورية بأصول تقارب 248 و157 مليار دولار، على التوالي. تأسست الأولى في 1981 وتأسست الثانية في 1974 لتتوليا إدارة احتياطي النقد الأجنبي السنغافوري من خلال توظيفه في الأسواق المالية والعقارات ومحال التجزئة المختلفة. عاشر أكبر صندوق سيادي في العالم كان من نصيب صندوق التوفير الوطني الروسي بأصول تقارب 150 مليار دولار لتنويع مصادر الدخل القومي من خلال توجيه فائض الصادرات النفطية وتوظيفه في الأسواق المالية وملكية شركات تجارية دولية مختلفة.

عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى قائمة أكبر الصناديق السيادية في العالم من منظور الفاعلية التنموية عوضاً عن منظور الترتيب الرقمي. فمن الملاحظات التي نخرج منها من خلال قراءة القائمة توجه الدول نحو تأسيس مجموعة من الصناديق السيادية وتنويع قنواتها الاستثمارية بما يحقق هدفا شموليا وحيدا يصب في نهاية المطاف في مصلحة الدولة وأجيالها القادمة، فالتجربة السعودية في هذا الشأن أسهمت في دعم العملية التنموية السعودية من منتصف القرن الماضي حتى اليوم. فأصول مؤسسات الإقراض الحكومية المتخصصة، والصناديق الحكومية للتقاعد والتأمينات الاجتماعية والاستثمارات العامة، ومحفظة ممتلكات مؤسسة النقد العربي السعودي، علاوة على الصناديق التنموية التي أنشئت أخيرا، جميعها تتباين في آليات إدارة استثماراتها، لكنها تصب في نهاية المطاف في مصلحة الدولة وأجيالها القادمة. وعلى الرغم من إنجازاتها التنموية السابقة، إلا أن المستقبل يحمل مجالا أرحب وأوسع لمضاعفة نتائجها التنموية المحققة من خلال إعادة النظر في هيكلتها البينية الاستثمارية ومساحة أدوراها التكاملية والتلاحمية فيما بينها. إنها دعوة إلى إمكانية إعادة النظر في هيكلة هذه الصناديق الاستثمارية بما يؤهلها لتصبح صناديق سيادية توفّر درجة أكبر من التلاحم والتكامل في سبيل تحقيق هدف شمولي مشترك أفضل مما كان لتنويع مصادر دخل للأجيال القادمة بعيدة عن تقلبات أسعار النفط وعائداته المتذبذبة.

خليجية
خليجية
يسسلموو ع الطرح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.