فالإبل هو الحيوان الوحيد الذي يحمل عليه ويؤكل لحمه ويشرب لبنه !
وهي مال العرب بها تمهر النساء ، ومنها غذاؤهم وكساؤهم، وهي التي حملت الفرسان فكانت هزيمة كسرى وفيلته في معركة القادسية ،وحملت المؤن والماء فكانت مأثرة خالد بن الوليد في عبور الصحراء وهزيمة الروم في معركة اليرموك.
كما نقلت الحرير والتوابل فكانت قوافل التجارة بين الشرق والغرب،وحملت الحبوب والتمور فكانت تجارة قريش وكانت رحلة الشتاء والصيف ،وحملت الهوادج فكانت راحلة الأمان والهدوء والاطمئنان لنساء الملوك والأمراء.
وهي أنفس أموال العرب يضربون بها المثل في نفاسة الشيء لأنه ليس هناك أعظم منه , ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلملعَلِيّرضي الله عنه : "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن تكون لك حمر النعم" وهي الإبل الحمر.
فالإبل حيوانات عظيمة الخلق، في معيشتها أسرار، وفي خلقها إعجاز كبير، ولها سلوكيات نادرة وطبائع غريبة قد لا تتوفر في أي مخلوق حي آخر.
وللإبلنوعان : وحيد السنام (العربي)والجمل ثنائي السنام ·
ولكل واحد من هذين النوعين خصائص وسمات يتشابهانفي بعضها ويختلفان في بعضها الآخر، ومما يختلفان فيه الطول والحجم والوزن وطولالقوائم وشكل الأخفاف واللون وغيرها من السمات.
ألفاظ الإبل التي وردت في القرآن العزيز :
1- الإبل:
لقد وقف أهل اللغة على هذه اللفظة فقالوا فيها وأجزلوافقال أهل اللغة : الإبل لا واحد لها من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم , والجمع آبال .
وقد ورد لفظ الإبلفي القرآن الكريم في عدة مواضع، وبألفاظ مختلفة ، هي : لفظ الإبل الذي ورد في موضعين هما قوله تعالى : [وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ](الأنعام: 144)، وقوله تعالى: [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ] (الغاشية: 17).
2- الناقة :
هي أنثى الجمل, قال أهل اللغة : وهي تدل على المفرد وجمعها نوق، أو أنوُقٌ، وأينُق، وأيانِق، و نِياق.
ولفظ الناقةورد في سبعة مواضع، مرتانفي سورة الأعراف، ومرة واحدة في كلٍ السور الآتية: هود – الإسراء – الشعراء- القمر – الشمس· وكلها تشير إلى ناقة النبي صالح عليه السلام، كما في قوله تعالى: [وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً]{الإسراء:59} ، وقوله تعالى: [هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ] {هود:64} .
3 – العِير:
وقد ورد في القرآنلفظة العيرفقد وردت فقط في سورة يوسف ثلاث مرات.
والعير: القوم معهم حملهم منالمِيرَةَ، يقال للرجال وللجمال معاً، ولكل واحد منهما دون الآخر(3) .
إذاً العير هيالإبل التي تحمل الطعام وغيره.
4- البدن:
أما لفظة (البدنة) فقد قال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء: يقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك لعظم بدنها .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمّ رَاحَ. فَكَأَنّمَا قَرّبَ بَدَنَة ً" الحديث , رواه مسلم .
5 – الجمل:
ورد اسم الجملمفرداًبالنص الصريح مرة واحدة في قوله تعالى :
[إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُجْرِمِينَ]{الأعراف:40}
فأما معنى (سَمِّ ) :فهو ثقب الإبرة, وكل ثقب لطيف في البدنكالأنف أو غير ذلكيسمى سَمّا وجمعه سموم. وجمع السم القاتل سِمام.
وأما الخِياط: فإنه المِخْيَط, أي ما يخاط به: وهي الإبرة.
قال القرطبي : والجمعمن الجمل:جِمال وأجمَال وجِمَالات وجمائل. وإنما يسمى جملاًإذا بلغ أربع سنوات.
6 – الِهيم :قال اللهتعالى:[فَشَارِبُونَ شُرْبَ الهِيمِ]{الواقعة:55} قال جمهور المفسرين وأهل اللغة:الهيم هي الإبل العطاش
قال أهل اللغة : البعير يشمل الجمل والناقة كالإنسان للرجل والمرأة , وإنما يسمى بعيراً إذا أجذع , والجمع أبعِرة , وأباعر , وبُعران .
وقد جاء ذكرهفقطفي سورة يوسف .
8 – الأنعام :
وهي : الإبل , والبقر , والغنم ..
قال أهل اللغة : وأكثر ما يقع على هذا الاسم الإبل .
والأنعام يذكر ويؤنث قال الله تعالى : [مِمَّا فِي بُطُونِهِ ]وقال : [مِمَّا فِي بُطُونِهَا ].
قال الله تعالى : [وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ] {النحل:5}
من المعروف أن الجمل يستطيع أن يسير مسافة 144 كم في حوالي 10 ساعات ويقطع مسافة 448 كم في حوالي 3 أيام , ويستطيع أن يحمل من 200 – 300 كغ على ظهره أثناء السفر .
9 – البَحيرة :قال أهل اللغة : وهي ابنة السائبة .
10- السائبة: قال أهل اللغة : الناقة التي كانت تُسَيّب في الجاهلية لنذرٍ أو نحوه .
11 – الوصيلة: روى البخاري عن سعيد بن المسيب قال: الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ثم تثني بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بأخرى ليس بينها ذكر .
12 – الحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدودة فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من أن يحمل عليه شيء وسموه الحامي .
قال الله تعالى :
[مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ] ( المائدة:103 )
كان العرب قبل الإسلام قد حرموا أنواعاً من الأنعام وجعلوها أجزاءً وأنواعاً
وهذه الأنواع الأربعة المشار إليها في الآية السابقة من الأنواع التي ابتدعوها في الأنعام .
13 – العِشَار: قال أهل اللغة : وهي الناقة التي أتى عليها من وقت الحمل عشرةُ أشهر .
قال تعالى: [وَإِذَا العِشَارُ عُطِّلَتْ] ( التَّكوير:4 )
إن أول من وصف العلاج بأبوال الإبل رسول الله صلى الله عليه وسلم .وليس مرادنا هنا بسط الكلام عن العلاج بأبوال الإبل , وبالله التوفيق .
مسار العلاج النبوي بأبوال الإبل :
عادة ً يكون مسار العلاج عند الإنسان بدءاً من الاكتشاف ثم التجارب الطبية المعملية تليها التجارب على حيوانات التجارب ثم على الإنسان .
بينما في الطب النبوي نبدأ من الإنسان ثم على حيوانات التجارب ثم التجارب العملية لاكتشاف الأسرار والمعلومات الطبية . وهنا السؤال يطرح نفسه هل النبي صلى الله عليه وسلم كان عنده معمل تجارب أو حيوانات تجارب ؟ بل كيف اكتشف الدواء من أبوال الإبل وغيرها !.
وبول الإبل فيه إشارة في القرآن الكريم قال الله سبحانه وتعالى : [أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ] {يس: 71 – 73 }
فالشاهد كلمة َمَشَارِبُوهي بالجمع , قال ابن كثير : " وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ " أي من الألبان والأبوال لمن أراد التداوي .
لماذا الإبل من بين سائر الحيوانات ؟
قال الله تعالى:
[أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ]{الغاشية:17-20}
فالذي تجدر الإشارة إليه في هذا النسق القرآني المعجز هو البدء بلفت أنظارنا إلىقدرة الله في خلق الإبل قبل الإشارة إلىالإعجاز في رفع السماء ونصب الجبال وتسطيحالأرض، وكلها آيات في الخلق والإيجاد والتكوين.
وفي هذه الآيات يتجلى خلق الرحمن سبحانه وتعالى , ويطلب منا الله سبحانه وتعالى أن ننظر إلى الإبل ونبدأ في دراستها وما يمكن أن نستفيد منها .
فمعظم المفسرين كانوا يركزون على الشكل الخارجي للإبل فقط, كأذنا الإبل , ومنخراه , وعيناه , وذيله , و قوائمه , ونحو ذلك .
إلا أن كل خلية في هذا الحيوان تنطق أن الله تعالى هو المبدع وهو الخالق .
ووجد العلماء والباحثين :
أن هذا الحيوان العجيب له قدرة أن يعيد امتصاص الماء من الأمعاء والكلى إلى الجسم مرة أخرى ليستفيد منها .
والجمل هو الحيوان الوحيد الذي:
ـ يعيش حوالي أسبوعين كاملين بلا ماء ولا طعام في بيئة درجة حرارتها 50 درجة مئوية .
بينما باقي الحيوانات تموت عند فقد 12% من وزنها من السوائل . (2)
وصدق حبيبنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه : "مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا"
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيّ أَنّهُ قَالَ:جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللّقَطَةِ؟ فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمّ عَرّفْهَا سَنَةً، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإلاّ فَشَأْنَكَ بِهَا". قَالَ: فَضَالّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذّئْبِ". قَالَ: فَضَالّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشّجَرَ، حَتّىَ يَلْقَاهَا رَبّهَا".رواه مسلم .
قوله صلى الله عليه وسلم: "معها سقاؤها" فمعناه أنها تقوى على ورود المياه وتشرب في اليوم الواحد وتملأ كرشها بحيث يكفيها الأيام، وأما حذاؤها وهو أخفافها لأنها تقوى بها على السير وقطع المفاوز.
فسبحان الله القائل : [أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ].
معجزة إنتاج الماء من الدهون:
زود الله سبحانه وتعالى هذا الحيوان بسنام
حيث تتجمع كمية من الدهن فوق سطح الجسم تصل أحياناً من 100- 120 كيلو غرام من الدهن
حيث يتحول الدهن في السنام لإنتاج ماء وطاقة , فإذا جاع الحيوان يتحول الدهن لإنتاج طاقة في الجسم. أما إذا عطش فيحول هذا الدهن إلى ماء .
ومن المعروف بين الأطباء أن الإنسان إذا صام أكثر من يوم يبدأ يتحلل الدهن في جسمه فتحدث حموضة في الدم ثم يدخل الإنسان في غيبوبة إذا طالت فترة الامتناع عن الطعام .
أما هذا الحيوان إذا حول الدهن كله إلى ماء أو إلى طاقة فلا تحدث عنده هذه المشكلة أبداً .
وأما الحيوانات الأخرى فتمرض بمرض يدعى الكيتوزيس نتيجة تحلل الدهون بكثرة .(2)
تبريد المخ :
درس العلماء وجه هذا الحيوان فوجدوا فيه: جيوب أنفية ( ممرات داخل عظام الوجه) وظلوا يبحثوا عن فائدتها ولماذا تختلف عن باقي الحيوانات ..
فوجدوا أن الهواء الساخن يدخل من الأنف ويتم تبريده بمكيف هواء فيُبِّرد الأوعية الدموية وبالتالي يُبِّرد الأوعية الدموية التي تغذي المخ من أجل أن تحميه من ضربة الشمس فيدخل الدم الشرياني إلى المخ بارداً فلا يتأثر من الهواء الساخن .(2)
عنق الجمل :
حيث زوده الله برقبة طويلة تمكنه منتناول طعامه من نبات الأرض، كما أنه يستطيع قضم أوراق الأشجار المرتفعة عندما يصادفها .
فرقبة الجمل تعمل طبقاً لقانون الرافعة : حيث نقطة الارتكاز عند التقاء العنق بالساقين الأماميين
فيبدأ الجمل بشد هذه الرقبة فيخفف الحمل عليه فيستطيع أن يقوم بقدميه الخلفيتين
وهو يحمل هذه الأثقال , وهو غير الحيوانات كلها .
والجمل هو الحيوان الوحيد الذي يحمل وهو في حالة الرقود.
فيستطيع أن ينهض بالحمل الثقيل ويبرك به .
قال أهل اللغة :بروك الجمل : هو ثبوته وإقامته.
نـيـــــــاق مشـهـــــــورة:
ناقة نبى الله صالح عليه السلامالذي أرسله الله إلىثمود , فهذه ناقة ذكرها قرآن يتلى عبر الأزمان .
وناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم " القصواء" .
الانقياد والطاعة :
قال الله سبحانه :
[أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ]{يس: 71 -72}
قال المفسرون :
[وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ ]أي سخرناها لهم حتى يقود الصبي الجمل العظيم ويضربه ويصرفه كيف شاء لا يخرج من طاعته.