مهنتي.. درست في الأردن وتخصصت في كندا
انتصار الحمادي أول طبيبة كلى أطفال مواطنة في مستشفيات وزارة الصحة
انتصار الحمادي تفحص طفلا
07 فبراير 2024
عشقها للأطفال وكرهها لرؤية دموعهم تسيل بسبب الألم دفعها لأن تدرس طب الأطفال وتتخصص في تخصص لم يسبقها إليه أحد من مواطني الدولة ممن درسوا الطب البشري، ولهذا اختارت الطبيبة المواطنة انتصار الحمادي أن تكون أخصائية كلى أطفال لما لهذا التخصص من أهمية فضلا عن ندرته في الدولة.
لم يسبق لأخصائية كلى الأطفال الطبيبة انتصار الحمادي أن أنجبت لكن قلبها يفيض بالرحمة والعطف على الأطفال لاسيما الذين داهمهم المرض، لدرجة أنها تشعر وكأن كل طفل تعالجه هو طفلها الذي أنجبته وتخاف عليه من نسمة الهواء. وهي تعمل بشغف وإخلاص مكناها من النجاح في عملها والتطور فيه.
مهنة راقية
عن مشوارها العلمي وسبب انتقائها لدراسة الطب، تقول الحمادي «منذ صغري وأنا أحلم بأن أكون طبيبة وتبلورت هذه الأحلام واشتد عودها في مرحلة الثانوية العامة، وذلك لأن مهنة الطب مهنة راقية وإنسانية بحتة يزيح بها الطبيب الألم عن أجساد المرضى وأرواحهم، وقررت قبل أن أدخل الجامعة أن أتخصص في طب الأطفال لشدة محبتي للأطفال ورأفتي بهم وعدم قدرتي على رؤية دموعهم، ولأنني أعلم أن طبيب الأطفال لا يساعد الطفل لوحده ويعالج آلامه بل يرفع الألم والحزن عن عائلة بأكملها وبالذات الوالدين اللذين يعانيان أحيانا أكثر من الطفل نفسه».
وتضيف «سافرت إلى الأردن لأدرس الطب والجراحة العامة في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وتخرجت عام 2000، وعدت بعدها إلى أرض الدولة لأعمل في وزارة الصحة كطبيبة امتياز لمدة سنة مررت خلالها ككل طبيب في سنة الامتياز على جميع الأقسام لأختار القسم الذي سأتخصص فيه، لكن رغبتي وطموحي كانت محددة مسبقا فالتحقت بقسم الأطفال في مستشفى القاسمي في الشارقة، ولسوء حظي أنه لم يكن تخصص الأطفال مطروحا في الدولة لأتخصص به ومع تعذر سفري للخارج في تلك الآونة بقيت أمارس الطب العام في قسم الأطفال لمدة 4 سنوات».
وتشير الحمادي إلى أنها ابتعثت من قبل وزارة الصحة في عام 2024 لإكمال دراستها في كندا، حيث حصلت على البورد الأميركي في طب الأطفال من الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في كندا، وبعدها بعام حصلت على البورد الكندي في طب الأطفال من جامعة دال هاوسي – هاليفاكس.
في ذات السياق ذاته، تقول «نظرا لحاجة الدولة لتخصص كلى الأطفال إذ لم تدرسه أي طبيبة أو طبيب من مواطني الدولة حتى يومنا هذا توجهت نحوه لأكون أنا وزميلتي الدكتورة زبيدة الإسماعيلي التي تعمل حاليا في مستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي أول طبيبتين مواطنتين تدرسان كلى الأطفال في الدولة، حيث انتقلت بعد أن انتهيت من البورد الكندي إلى جامعة أخرى في كندا وهي جامعة تورنتو الشهيرة لأكمل تخصص كلى الأطفال، وكان جزء من هذا التخصص دراسة نظرية وجزء منه تطبيقا عمليا عبر ممارسة الطب في مستشفياتهم، ولحسن حظي أنني عملت في أكبر وأفضل مستشفى أطفال في كندا، واكتسبت خبرات علمية واجتماعية جمة».
مواجهة الصعاب
عادت الحمادي لتزاول عملها كأخصائية كلى أطفال بعد عودتها من كندا في عام 2024 في مستشفى القاسمي أيضا، بالإضافة إلى مهامها التي تمارسها كطبيبة أطفال عام وطبيبة خدج، وحول مهامها توضح «عندما قدمت إلى عيادة الكلى مستشفى القاسمي وجدت طبيبة واحدة فقط وهي الدكتورة أمل الشريف تقوم بفحص وعلاج أمراض الكلى دون إجراء عمليات الغسيل ونحوه، ولا توجد معدات متخصصة لعمل غسيل كلى للأطفال كما هو الحال للكبار، فعيادة كلى الأطفال، التي أتمنى أن تصبح قسما، غير مهيأة لزيادة الطاقة الاستيعابية للأطفال الذين يعانون من مرض فشل كلوي وبحاجة دائمة للغسيل الدموي، وعلى الرغم من تلك الإحباطات والصعوبات كيفت نفسي على أن أقوم بعملي واستقبل جميع الحالات القادمة من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة في الدولة لأنني الوحيدة فيها في هذا المجال بالإضافة لمرضى يتم تحويلهم من المشافي الخاصة في الشارقة والمنطقة الشرقية في الدولة، ولدي أيضا عيادة في مركز سليمان الحبيب في مدينة دبي الطبية أذهب إليها مرتين في الأسبوع».
وعن نوعية الحالات التي يستقبلها القسم، توضح أنها تكون ناتجة عن أمراض وراثية، حيث ترتفع نسبة زواج الأقارب بالدولة ما يؤدي إلى زيادة الأمراض الوراثية، وأنواع أمراض الكلى تختلف من طفل لآخر. والأمراض مقسمة إلى عدة أنواع مثل: أمراض وراثية تؤدي إلى فشل كلوي مبكر عند الأطفال، أو فشل كلوي في المستقبل، وأيضاً من الأمراض الوراثية للكلى انسداد في المسالك البولية، والتي تصيب غالباً الأولاد، والتي تسمى علمياً تشوهات في المسالك البولية، وإذا لم تكتشف مبكراً تؤدي إلى الفشل الكلوي، بالإضافة إلى أمراض أخرى تصيب الأطفال مثل فقدان الزلال في البول الوراثي ويؤدي أيضاً إلى فشل كلوي عند الأطفال، وأيضاً الالتهابات المتكررة للبول والتي أذا لم تعالج تؤدي إلى ضرر للكلية ومن ثم فشل كلوي.
وتؤكد الحمادي أن أسباب الإصابة بأمراض الكلى عند الأطفال عديدة ولكن العوامل الوراثية دائما لها الدور الأكبر فيها، وعلاج كل منها بحسبها يختلف عن الآخر فمنها ما يحتاج إلى التدخل الجراحي المبكر عن طريق طبيب جراحة الأطفال أو عبر المضادات الحيوية بالجرعات الوقائية أو العلاجية لمنع أو علاج التهابات الكلى، وهناك حالات تحتاج إلى متابعة على فترات متقاربة والعلاج بالأدوية لمنع وصولها أو تأثرها بالفشل المزمن في الكلى، وفي حالة عدم تجاوب الطفل للأدوية يصل إلى حالة الفشل الكلوي التام، في هذا السياق، تقول «قبل وصول الطفل إلى هذه المرحلة أناقش مع الأهل الاختيارات الموجودة والمناسبة للطفل المتمثلة بزراعة الكلى أو غسيل الكلى بنوعيه الدموي أو البروتوني».
إرهاق ممتع
تعلم الحمادي أسر الأطفال المراجعين للعيادة، إذا كانوا في حاجة لغسل كلى أطفالهم عن طريق البطن، طريقة الغسل، وذلك لأن استخدام الجهاز سهل ويتم ذلك في المنزل في فترات نوم الطفل حيث تستغرق عملية الغسل ما بين 8 و10 ساعات، ولا تتسبب في آلام للطفل، على أن يتم الغسل يومياً إلى أن يحين موعد الزراعة، التي تتولاها مستشفى خليفة في أبوظبي بوصفه المركز الوحيد الذي يقوم بزراعة الكلى في الدولة.
وتعبر الحمادي عن حبها الشديد لعملها على الرغم من أنه متعب ومرهق، ويستنفد معظم وقتها ويحرمها في كثير من الأحيان من حضور المناسبات الاجتماعية والتواجد مع الجلسات العائلية، لكنه في الوقت نفسه يشعرها بلذة العطاء خصوصا أنها تعمل في تخصص تحبه وحلمت به منذ سنوات طويلة، وكم يسعدها وهي تسمع دعوات الأهل لها بالخير وهي تعالج أطفالهم فلذات أكبادهم، ومن شدة حرصها على الحالات التي تعالجها جعلت رقم هاتفها في أيدي الأهالي حتى إذا حصل طارئ لأطفالهم تدلهم عبر الهاتف لما يجب عليهم فعله، كما تعد خططا لعلاج المرضى ترسلها للأطباء المناوبين بالإيميل في حال إجازتها ليقوموا بدورهم بمتابعة أي طفل مريض تدهورت حالته واستدعت المجيء إلى المستشفى.
وتوصي الحمادي الأهالي بضرورة الانتباه لأطفالهم في حال ارتفعت درجة حرارتهم بألا يهملوا الأمر ويعالجوه بمضاد للحرارة موجود لديهم بل يبحثوا عن سبب هذه الحرارة، وذلك عبر الذهاب إلى الطبيب والذي تتمنى منه بدورها أن يبحث جيدا عن سبب الحرارة فإن لم يكن لها سبب واضح كالتهاب الحلق أو الأذن ونحوه فعليه إجراء فحص للبول ولا يكتفي بإعطاء مضاد للحرارة، لأن التهاب البول وتكرار عدم الانتباه له يؤثر على الكلية ويسبب فشلها، بالإضافة إلى ضرورة الكشف المبكر خصوصا في حالة زواج الأقارب ممن لديهم أمراض وراثية في الكلى في العائلة وذلك للكشف خلال الحمل بواسطة التصوير التلفزيوني عن وجود أمراض مثل التكيس في الكلية وهو نوعان واحد منهما يظهر بعد عمر 25 سنة، والآخر قبل الولادة، وغيرها الكثير من العوامل الأخرى التي تساعد في العلاج لاحقاً وتسرع منه.
وإلى الأمام دائماً ان شاء الله